KHASKEMPEK.COM –
ولقد غادَر القطار ماتارماجا من مَحطّة بروجاكان بمدينة تشربون ساعة 18 : 30 مساء يوم الإثنين الثاني عشر من شهر يوليو سنة 1997 متّجهاً إلى محطّة مدينة قديري، وأنا جالس في عربة خامسة. وكان متوقّعا أن يصل القطار إلى محطّة قديري ساعة 04 : 43 صباح يوم الثلاثاء إلا أنّه تأخَّر عن الوصول بمزيد من 45 دقيقة. وركبتُ عروبة بيتشاك من محطّة القطار إلى المعهد الإسلامي روضة الإحسان في قرية بطوك بمنطقة سمين قديري جاوة الشرقيّة.
فلما وصلتُ إليه لم أجد أحدا في القسم الداخلي، ولكنّني رأيتُ كلَّ الطُلاّب يحضرون الدرسَ عند الشيخ في بيته، كما كانت عادتنا من نظام التعليم التقليدي يجلس الطلاب بهُدوءٍ في أماكينهم ويستمعون ويكتبون إلى ما يقرأه ويشرحه الشيخ إليهم. وفي ذلك الوقت، كان الشيخ يقرأ كتاب ” إحياء علوم الدين ” للإمام أبي حامد الغزالي.
وكان مبنى غرف الطلاب متصلا بالجانب الجنوبي من المسجد الجامع وأقمتُ الغرفة الثانية في الطبقة الأولى مع صديقي علي سدي من تشربون وجوس سهروردي بابار من قديري. ومن مميّزات هذا المعهد أنه لا يقبل الطلبةَ إلا ستّين شخصا فقط، وأغلبهم قد تجاوزوا خمسة وعشرين أو أكثر من العمر بمعنى أنّ جُلّهم من خريجي المعاهد الأخرى مثل المعهد ” ليربيا ” و ” فلوصو ” و ” كالي ونجو ” و ” كمفيك ” وغير ذلك.
ومن الغريب، أنّ كثيرا من الطلبة يداومون الصيام والطهارة وقراءة الأذكار المعدودة والأحزاب، مثل حزب النصر وحزب النووي وحزب الجوشن الكبير وحزب البحر. ولما حانَ وقت الإفطار لا يأكلون شيئاً إلا الماء وبعض المأكولات غير الأرز، تعبّدا وتبرّكا وابتغاء من الله تعالى عسى أن يشرح صدورهم وقلوبهم بنور تجلّياته وعلمه من لدنه تبارك وتعالى، وهذا يُسمّى بعَرُوْوُتْ.
درستُ في هذا المعهد العلومَ الدينيّة من الفقه وأصوله وتفسير القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الشريفة تحت اشراف الشيخ عبدالكريم فناني ( أمباة مناف ) وأخيه الشيخ محمّد نووي ( فاك وي ) والشيخ أبي بكر الحافظ رحمهم الله، ولم أمكث هناك بوقتٍ طويلٍ إلا خلال عشرة أشهر فقط. ومن أهمّ الكتُب التي درستُها كتاب إحياء علوم الدين في علم التصوّف، والصحيحين البخاروي ومسلم وجامع الصغير ورياض الصالحين وبلوغ المرام في علم الحديث، ومؤلفات الشيخ نووي البنتني في الفقه والعقيدة والتصوّف.
( ذكريات لا تنسى، إدريس صالح )
(KHASMedia)
